د. نزار محمود
مدير المعهد الثقافي العربي
قد يوحي عنوان المقال بقومية الإسلام الذي أراده الله للعالمين جميعاً، وأنه لم يكن في عقيدته وتعاليمه والرجال الذين حملوه ولا يزالوا وسيبقون، سوى ديناً للناس كافة، وهو ما صدقه إنتشاره بين شعوب وأمم الأرض كافة على مدى الأيام والدهور.
إن العلاقة الجدلية بين العرب والإسلام تكمن في طبيعة الرسالة السماوية التي كلف الله الرسول الكريم (ص) بالتبشير بها والاختيار الإلهي لهذا الرسول وأتباعه من آل بيته وأصحابه ومن تبعهم إلى يوم يقوم الحساب.
إن من يتتبع تاريخ هذا الدين العظيم بوعي وصدق وموضوعية سيقف على أمرين أساسيين في أمر هذا الدين والمكلفين بتبليغه، وهما:
أن هذا الدين يؤمن بموسى وعيسى ومن قبلهم بإبراهيم وآدم وغيرهم من الأنبياء والرسل كما يؤمن بمحمد عليه وعليهم الصلاة والسلام.
الأمر الثاني هو أن هذا الدين في رسوله وأوائل من حملوه وبلغوه وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم من أجل إعلاء كلمته، كان رسالة إلهية شرفها الله بلسانها العربي المبين. ولم يكن هذا الأمرمدعاة لأن ينفر الآخرون من غير العرب من الإسلام ورسالته ممن آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وكان مسلماً صحيحاً، ولم يكن كذلك امتيازاً للعرب بين صفوف المسلمين.
والسؤال المهم، من هم العرب الذين كلفهم وشرفهم الله بتبليغ رسالة الإسلام؟ ألم يقل الله في رسوله: “وإنك لعلى خلق عظيم”، ألم يكني أهل قريش محمداً بـ “الصادق الأمين” قبل أن يتبعوه رسولاً؟! ألم يكن أصحاب رسول الله صادقين مخلصين مجاهدين مضحين من أجل دعوتهم؟! كيف صدق الناس دعاة الإسلام وآمنوا بهذه الرسالة وضحوا من أجلها؟.
ولقد تعددت آيات القرآن التي توعدت الكفار والمنافقين من البشر ومنهم عرب حيث ابتدأت رسالة الإسلام، ولم تستثنهم أو تميزهم في ضلالتهم وظلمهم. وحسبنا السورة الكريمة: “تبت يدا أبي لهب وتب… إلى آخر السورة.
إنه من باب الإنصاف والحقيقة أن نحكم بموضوعية على أؤلئك الذين يحاولون “تعريب الإسلام” عصبية وجاهلية! وكذلك على أؤلئك الذين يستغلون أو يفسرون ضلالة هذا أو شطحات ذاك من العرب لينقضوا بخناجر مسمومة بالحقد الدفين على كل ما هو عربي في روحه وقيمه لغاية ما! أو بسبب جهالة أو ضلالة.
إن ايماننا بالله تعالى لا يترك مجالاً للشك في صواب اختياره سبحانه لرسوله وأتباعه وأمة ولغة رسالته من أجل أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر. وهكذا صدقهم الآخرون وآمنوا بما جاءوا به وساهموا طوعاً وبحرية في ترسيخ مبادئ وقيم وعبادات هذا الدين.
الم يكن محمد وعلي وعمر والحسين وخديجة وفاطمة وعائشة من العرب! ألم يكن بلال وسلمان من أئمة المسلمين وأصفيائهم!
من هنا فإن من يكره العرب والعجم فقط لأنهم عرب أوعجم، لا يحب الإسلام ولا يؤمن به، ولو إدعى…
د. نزار محمود
المعهد الثقافي العربي في برلين
برلين، 8/11/2008
أحدث التعليقات