هواجس
د. نزار محمود
مدير المعهد الثقافي العربي
عندما يجد الإنسان نفسه مضطراً للكتابة، فإن عليه أن يبحث عن قلم يجيد رسم كلماته التي
تعبر بصدق وهدوء ووضوح عن أفكاره ومشاعره وانفعالاته ورغباته. وهذا ما أحاوله الآن
بالضبط.
استيقضت مبكراً بعض الشيء. رجال الدار كانوا قد سبقوني بالنهوض وهم الآن في العمل.
بحثت في جيبي عن قلم أطرد به ملل فراغ الوقت. نساء الدار نائمات بعد سهرة عائلية لا
أدري متى إنتهت صباح هذا اليوم. حاولت قبل ذلك الخروج من البيت لأتجول وأعيش
الشارع صباحاً في حركته وبركته، كما يقال. لم أكن حازماً بشدة على الخروج ولذلك
وجدتني أتراجع إلى صالة الجلوس عندما إعتقدت أن باب الدار مقفلة. وبدأت بالكتابة. صوت
“مهند” زرع في أمل أن تصحو زوجتي أو إحدى أخواتها. إنتظرت وأطرقت السمع وطال
إنتظاري. ربما هدأ “مهند” بمجرد أن سال حليب أمه في جوفه، وبقيت أنتظر شاياً، قهوة أو
أي شيء آخر أطرد الملل به عني. كم يستطيع القلم أن يصور حالة الإنسان، لا سيما ذلك
الذي يجلس في صمت ووحدة. نظرت إلى الساعة وكان قد إقترب الوقت من الساعة الثامنة
والنصف صباحاً. مضى على نهوضي من الفراش أكثر من ساعتين، ذهبت خلالها إلى
الحمام وتوضأت وصليت وارتديت ملابسي ورتبت بعض الشيء ملابسي وحاجياتي.
لحظات وأسمع صوت “مهند” ثانية! ربما يكون لي أمل في ذلك أن تصحو زوجتي أو إحدى
أخواتها؟ علي الانتظار والترقب!
طال الانتظار ثانية ولم يحصل شيء من هذا القبيل. الجميع يغطون في نوم عميق ودفء
جميل. تذكرت على التو أن “حنان” قد تكون هي المنقذ. فهي تصحو لكي تذهب إلى الحمام
وهي بحاجة لمن يساعدها. لقد صدق حدسي وعلا صوت وضجيج، ولكن … عاد الهدوء
والصمت والانتظار ثانية. ولكن ماذا علي أن أفعل غير الانتظار؟! الانتظار السلبي أمر
ممل. سأحاول أن أحدث بعض الصوت، فقد يسمعني أحدهم. أتنحنح مثلاً أو أسعل أو … لا..
لا … لست بحاجة لأني أسمع صوت زوجتي ومهند وحنان …
وجاء الفرج، بعد أن ناديت “حنان” وأجابتني زوجتي متسائلة أين أنا …
الزرقاء/ الأردن
كانون أول 2005
أحدث التعليقات