بين “الثورية” و “العقلانية”
د. نزار محمود
مدير المعهد الثقافي العربي
إن العمل السياسي نشاط إنساني تميز به بنو البشر عن جميع الكائنات الحية الأخرى، لما يتطلبه ذلك العمل من مهارات عقلية ونفسية وسلوكية، خص بها الخالق هذا النمط من خلقه. ولم يخلو مجتمع إنساني من أناس مارسوا إلى هذا الحد أو ذاك ، بهذه الصيغة أو تلك، هذا الضرب من النشاط لتحقيق أغراض تباينت واختلفت حد التناقض والاحتراب.
والسياسة بمفهومها العام هي فن وعلم تحقيق الممكن من أهداف إنسانية تسامت وتدنت في أخلاقياتها وأساليبها، نجحت أو فشلت إلى هذا الحد أو ذاك بسبب هذه الظروف أو تلك.
والناس أجناس، كما يقال، وهم قناعات ومصالح، أهواء وميول، آراء ومواقف، أمزجة وميول، علم وجهل. ولهذا تعددت وتباينت، اتفقت واختلفت روآهم السياسية وتطلعاتهم وممارساتهم. فكان منهم اليساري وكان منهم اليميني، وتبنى آخر تلك النظرية، ورابع ذلك المعتقد، لا بل وتقلب خامس وعياً أو انتهازاً…
والعرب من الذين يعيشون في برلين هم من هؤلاء الناس المتفقين والمختلفين. فتراهم فرادى وجماعات، وتراهم هادئين وهائجين، موافقين ورافضين، فرحين ومهمومين.
حديثنا اليوم حول ما يسمى بالثوريين والعقلانيين من السياسيين… فمن هو الثوري، ومن هو العقلاني؟ ومتى يصح هذا، ومتى لا يجوز ذاك؟! هل أن الرفض العنيف لكل واقع أو لواقع معين والاصرار على تغييره، حتى ولو بالقوة، إذا اقتضى الأمر، هو ما يسمى بالثورية؟ وهل ذلك رديف للعنف الثوري المشروع عند بعض الحركات والأفكار والايدولوجيات؟ أسئلة نحاول من خلال الإجابة عنها معالجة موضوع مقالنا.
أحدث التعليقات